22مارس 2023
جاءت زيارة رئيسة وزراء الدنمارك “ميتا فريدريكسن” الى مصر مخيبة لآمال نشطاء حقوق الانسان، فلم يسجل أي نقاش حقيقي لوضع حالة حقوق الانسان في مصر خلال لقاء رئيسة وزراء الدنمارك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقاهرة يوم 13 مارس الماضي.
وبدا الامر ان المصالح الاقتصادية والسياسية وبالأخص فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية وبشأن إمكانية دخول الدنمارك في الاستثمارات بمجال الهيدروجين الأخضر، كانت لهما الأولوية والسبق لدى رئيسة الوزراء التي تنتمي الى التيار اليساري.
والزيارة لم تكن متزامنة فقط مع الاحتفال بمرور 65 عامًا على تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، ولكنها تواكبت أيضا مع بيان أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش، جاء فيه أن السلطات المصرية تمتنع عن إصدار الوثائق الثبوتية أو تجديدها لعشرات المعارضين، والصحفيين، ونشطاء حقوق الإنسان المقيمين في الخارج بشكل ممنهج خلال السنوات الأخيرة، ما يهدف إلى «الضغط عليهم للعودة إلى مصر، ليواجهوا الاضطهاد شبه المؤكد».
وقالت المنظمة أن مصر تواجه منذ يونيو 2013 موجة هجرة لأسباب سياسية ضمت آلاف المصريين، حسبما رصدت «هيومن رايتس» من عدد من التقارير الحقوقية. أغلب هؤلاء؛ لا يستطيعون حتى دعوة أسرهم بمصر لزيارتهم في الخارج، خوفًا من المضايقات الأمنية في ظل شيوع الاحتجاز في المطارات المصرية، وفقا للبيان.
وخلال اللقاء الذي جمع السيسي مع ميتا كرر الرئيس المصري استخدام تعبيراته المعتادة عن خصوصية حالة حقوق الانسان في مصر، والتي لم تعن خلال السنوات الماضية سوى المزيد من التنكيل بالسياسيين والمعارضين مع اطلاق مبادرات دعائية لإيهام المتابعين باهتمامه بهذا المجال، وقال خلال كلمته بالمؤتمر الصحفي الذي جمعه برئيسة وزراء الدنمارك ونقلته وسائل اعلام محلية، «تحدثنا مع رئيسة وزراء الدنمارك في موضوعات كثيرة منها حقوق الإنسان، تحدثنا بصراحة عن رؤيتنا في مصر لهذا الموضوع المهم الذي نحرص فيه أن نتحدث بشأنه في مناسبة مع أصدقائنا الأوروبيين، لإيجاد رؤية مهمة نطرحها في استشراف رؤيتنا في مجال حقوق الإنسان بمصر، والتي تعتمد على تطوير والاهتمام بحياة الإنسان في كل المجالات المختلفة طبقا للمعايير الخاصة بالمنظمات الدولية».
وتابع: «وجدت تفهمًا كبيرًا من رئيسة وزراء الدنمارك، وهذا التفاهم محل تقدير واحترام، وهذا أمر أسجله، تحدثنا عن موضوعات خاصة في منطقتنا وأهمية العمل على إيجاد حلول لمسألة الهجرة غير الشرعية، ونذكر في مصر أننا منذ سبتمبر 2016 لم يخرج قارب واحد أو مواطن واحد عبر الحدود البحرية أو البرية من مصر إلى أوروبا، وهذا التزام مصر، ونحرص على ألا نكون معبرًا للهجرة غير الشرعية.
أكدت رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن، أن مصر تعتبر شريكًا قويًا للدنمارك وأوروبا، معربة عن سعادتها بنتائج المباحثات التي أجرتها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي .
وأضافت “فريدركسن”- خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، أنها ناقشت مع الرئيس السيسي التحديات التي تواجه العالم لاسيما التغيرات المناخية ومستقبل الطاقة الخضراء، مشيرة إلى أن المباحثات كانت مثمرة بشكل كبير خاصة فيما يخص القضايا الخاصة بالطاقة والهجرة غير الشرعية والتحديات العالمية التي تواجه العالم والتأكيد على الالتزام بمستقبل مستدام لكل الأجيال القادمة وللشباب في مصر وأفريقيا والعالم.
وقالت، إن قضية الهجرة غير الشرعية من التحديات المشتركة، وأن مصر شريك مهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي في هذه المسألة، معربة عن سعادتها للتعاون القوي مع مصر فيما يخص السيطرة على الحدود وكذلك إدارتها للاجئين، وتعزيز الشراكة.
وبعد الزيارة بيومين، وعلى خلفية تداول أخبار عن أوضاع السجناء المتدهورة في سجن بدر، طالبت 38 منظمة حقوقية في بيان بـ«السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر ولجماعات حقوق الإنسان المستقلة بتفقد السجون ومرافق الاحتجاز؛ وفتح تحقيقات مستقلة في مزاعم ارتكاب مخالفات وانتهاكات جسيمة داخلها؛ ومحاسبة مرتكبيها».
جاء البيان على خلفية ما قال إنه «انتهاكات صارخة وجماعية» لحقوق الإنسان في مركز الإصلاح والتأهيل (بدر)، و«… الأنباء الأخيرة بشأن محاولات الانتحار المتكررة وحالات الإضراب عن الطعام بين المعتقلين، كنتيجة لهذه الانتهاكات»، بحسب نص البيان.
كما طالب البيان بـ«تشكيل آلية أممية مستقلة تتولى مراقبة وتقييم أوضاع حقوق الإنسان في مصر؛ يتم تكليفها بالتحقيق والإبلاغ عن مثل هذه الانتهاكات في أماكن الاحتجاز، وإرساء المزيد من الشفافية في نظام السجون المصرية… واستئناف الزيارات للسجناء طبقًا لمواد لائحة السجون، وإلغاء الضوابط الخاصة بالزيارات السارية منذ أغسطس 2020 بسبب تفشي جائحة كورونا وقتها»، بالإضافة إلى إلغاء قرار وزير العدل الذي يبيح عقد جلسات تجديد الحبس الاحتياطي دون حضور المحتجز للمحكمة.
وقبل الزيارة بأيام طالب لبرلمان البلجيكي حكومة بلاده بالتعاون مع لدول الاوربية الأخرى الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لإظهار موقف أوروبي قوي من انتهاكات حقوق الانسام في مصر.
وكانت سفيرة فنلندا لدى الأمم المتحدة، قد وجهت في بيان مشترك ، وقعت عليه 31 دولة، بينها الولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا، وخلال فعاليات جلسات الدورة 46 للمجلس في مارس 2021، عدة انتقادات لحالة حقوق الإنسان في مصر.
وترتبط مصر والدنمارك بعلاقات مميزة، حيث تشهد العلاقات المصرية الدنماركية تطوراً في مختلف المجالات، إلى جانب حرص البلدين على تبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف إزاء القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك إلى جانب تبادل الزيارات بين كبار المسئولين بهدف تفعيل العلاقات الثنائية.
وعلى الصعيد الإقتصادي، يواصل معدل التبادل التجاري ارتفاعه في ضوء اهتمام الدانمارك بزيادة استثماراتها في مصر، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في مجال السلع والخدمات حوالي 25 مليار جنيه خلال 2019، وتصدرت الخضراوات والفواكه قائمة الصادرات المصرية.
تتمتع الدنمارك بصفة استثمارية كبيرة في العديد من القطاعات في مصر، بما فى ذلك الرعاية الصحية والنقل البحرى والطاقة والغذاء والزراعة، كما ترتبط البلدين باتفاق لتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة والذي تم توقيعه بين وزارة الاقتصاد ووزارة التعاون الدانماركي للتنمية عام 1996 ، وقد دخل حيز النفاذ بدءاً من 29 يناير 2000.