تشهد جامعات أميركية مناخاً من التخويف والملاحقات والاستهداف للطلاب الداعمين للقضية الفلسطينية، أو من يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة، وصولاً إلى التشهير ببعض الطلاب من قبل منظمات يمينية، كما حدث في جامعة هارفارد، من دون أن يكون هناك أي تحرك جدي لحماية الطلاب، وحقهم في حرية التعبير.
وفي أحدث الوقائع، قامت جامعة كولومبيا في نيويورك، بتعليق نشاط جمعيتين طلابيتين هما “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” و”أصوات يهودية من أجل السلام” حتى نهاية فصل الخريف الحالي، وذلك بعدما نظمتا احتجاجات طلابية تطالب بوقف إطلاق النار ووقف الحرب على غزة، وادعت الإدارة أن الجمعيتين انتهكتا بشكل متكرر قواعدها من خلال تنظيم احتجاجات غير مصرح بها.
وأوقفت إدارة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عدداً من الطلاب بعد تنظيم احتجاجات واعتصامات ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، كما عاقبت جامعة براون قرابة عشرين طالباً احتجوا ضد الحرب وطالبوا بوقفها، حسبما ذكر موقع “سي إن إن”.
وفي جامعة هارفارد، وجامعة نيويورك، وصلت محاولات الإسكات إلى تلويح عدد من الأثرياء بوقف تبرعاتهم، وطالب أحدهم، وهو بيل أكمان، بنشر أسماء الطلاب الذين وقعوا على عريضة صدرت باسم أكثر من ثلاثين مجموعة طلابية في جامعة مجموعة طلابية في جامعة هارفارد، كي يتم وضعهم على قوائم سوداء تمنع توظيفهم.
وحمّلت العريضة الطلابية الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن العنف القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأشارت إلى أن عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس “لم تأت من فراغ”، مذكرة باحتلال فلسطين المتواصل منذ خمسة وسبعين عاماً.
ولا تقتصر حملات الترهيب على نشر أسماء الطلاب، أو وضعهم ضمن قوائم سوداء للحيلولة دون توظيفهم، بل تمتد إلى اتهامهم بمعاداة السامية، ومن بين هؤلاء طالب يهودي معادٍ للسياسات الإسرائيلية، تم وضع صورته على سيارة متوقفة أمام مكان عمل والده.
ولسنوات، قامت منظمة يمينية متطرفة بنشر صور وأسماء الطلاب والأساتذة الداعمين للقضية الفلسطينية، أو مقاطعة الاحتلال، والتحريض ضدهم بطرق مختلفة من بينها نشر قائمة بأسماء أساتذة وقعوا على عرائض تدعم المقاطعة، واتهامهم بـ “معاداة السامية”، وهناك موقع إلكتروني باسم “كناري ماشين” ينشر أسماء وصور مئات من طلاب الجامعات الأميركية، ويتهمهم بأنهم معادون للسامية، وكارهون لأميركا، وكثيراً ما يوضع هؤلاء على قوائم سوداء تهدد مستقبلهم المهني، وقد تنشر عناوينهم أو أماكن عملهم، ما يهدد أمنهم الشخصي.
كانت رئيسات 3 من أفضل الجامعات الأمريكية والعالمية قد تعرضن لانتقادات وصلت لحد المطالبة باستقالتهن بعد جلسة استماع أمام الكونجرس استغرقت 4 ساعات، الأسبوع الماضي، قدمن خلالها شهاداتهن حول التوتر الذي تشهده ساحات الحرم الجامعي على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقبل أسبوعين، ألقت الشرطة الأمريكية القبض على مشتبه به في إطلاق نار على ثلاثة شبان من أصل فلسطيني كانوا يحضرون تجمعًا دينيًا بالقرب من حرم جامعة فيرمونت.
ويذكّر مناخ الترهيب الحالي بـ”الحقبة المكارثية”، حين أطلق السيناتور جوزيف مكارثي، حملة ملاحقة الشيوعيين ومن يشتبه بميولهم اليسارية، والتي أدت إلى فقد كثيرين لوظائفهم، قبل أن يتبين أن معظم التهم كانت غير حقيقية.