رفض آلاف المثقفين، بينهم مفكرون يهود، ببرلين بندا جديدا استحدثته حكومة ولاية العاصمة الألمانية، يشترط الالتزام بعدم “معاداة السامية” للحصول على تمويل للمشاريع الثقافية، واعتبروا في عريضة وقعوها أن هذا البند يهدف إلى قمع المدافعين عن حقوق الفلسطينيين بهدف إسكات الانتقادات الموجهة للسياسات والممارسات الإسرائيلية.
وأفادت وسائل إعلام أن أكثر من 4000 عامل في المجال الثقافي (فنانين، وكتاب) من برلين عارضوا بند حظر معاداة السامية الذي وضعه مسؤول الإدارة الثقافية في حكومة ولاية برلين جو تشيالو.
وأعلن جو تشيالو وهو من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي يوم الخميس 4 يناير/كانون ثان أن المستفيدين من التمويل العام (أي تمويل المشاريع الثقافية من قبل حكومة الولاية) سيتعين عليهم مستقبلاً الالتزام ببند ضد معاداة السامية.
وفي رسالتهم المفتوحة، يتهم الفنانون هذا البند بالمساهمة في نقاش “عام عدواني وغير موضوعي في كثير من الأحيان، وتعميق الانقسامات الاجتماعية”، حسبما نقل موقع “أمل برلين”.
ومن بين الموقعين الكاتبة اليهودية ديبورا فيدلمان والفنانة اليهودية كانديس بيرتز. وانتقد المعترضون أن تعريف بند معاداة السامية الحالية هو تعريف التحالف الدولي بعد الهولوكوست.
كان مئات الأكاديميين، من بينهم باحثون يهود متخصصون في أبحاث الهولوكوست ومعاداة السامية وتاريخ اليهود والمجالات المتعلقة بها، فضلًا عن المئات من منظمات المجتمع المدني، منها منظمات حقوق الإنسان، على غرار منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش قد انتقدوا في وقت سابق تعريف التحالف الدولي.
واعتبروا أن التعريف يهدف إلى حدّ كبير إلى قمع المدافعين عن حقوق الفلسطينيين بهدف إسكات الانتقادات الموجهة للسياسات والممارسات الإسرائيلية.
ولفتوا إلى أن التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لم يقم بإعداد هذا التعريف، على الرغم من أن اسمه مرتبط به. لكنه أتى نتيجة جهود متضافرة بذلها منذ مطلع القرن الحادي والعشرين أفراد ومنظمات متحالفون مع الحكومة الإسرائيلية، من أجل إعادة تعريف مفهوم معاداة السامية بطريقة تُبعد الانتقادات الموّجهة لإسرائيل على خلفية انتهاكها حقوق الإنسان وأعمال القمع العنيفة ضدّ الفلسطينيين وتُسكتها. وباتت إعادة تشكيل مفهوم معاداة السامية استنادًا إلى الانتقادات الموجهة لإسرائيل تُعرف بمصطلح “معاداة السامية الجديدة”.
يشار إلى أن قرارات الغاء الفاعليات المؤيدة للفلسطينيين باتهامات “معاداة السامية وكراهية إسرائيل” باتت خبرا شبه يومي في ألمانيا منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد هجوم مباغت لحركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خصوصا أن برلين تعتبر أمن إسرائيل ودعمها “مصلحة وطنية عليا”.