أعلنت بولندا عن تعليق حق اللجوء بشكل مؤقت كجزء من استراتيجية جديدة لمكافحة الهجرة غير القانونية، وقد جاء قرار بولندا بسبب قيام كلا من روسيا وبيلاروسيا بانتهاك حق اللجوء، وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في كلمته في اجتماع ” الائتلاف المدني ” الذي ينتمي إليه ” إن مهربي البشر – بمساعدة روسيا وبيلاروسيا – ينتهكون حق اللجوء “.
وتشهد بولندا تدفق كبير لطالبي اللجوء من الشرق الأوسط وإفريقيا وأسيا منذ 2021، وأغلب اللاجئين يعبرون للبلاد من بيلاروسيا بشكل غير قانوني، وقد اتهمت بولندا كلا من روسيا وبيلاروسيا بشن ” حرب هجينة ” علي بولندا، وذلك عن طريق توجيه المهاجرين إلي دول الاتحاد الأوربي بهدف زعزعة استقرار الاتحاد، وهو الاتهام الذي تنفيه البلدان.
وقد شهدت بولندا زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين منذ أزمة اللجوء في أغسطس 2021، حيث دخل البلاد ثمانية أضعاف عدد المهاجرين الذين عبروا الحدود في 2020، وتستمر محاولات المهاجرين عبور الحدود بشكل يومي منذ ذلك التاريخ.
وبحسب رئيس الوزراء توسك، فإن الحكومة البولندية سوف تناقش الاستراتيجية الجديدة للهجرة في اجتماعها المقرر منتصف أكتوبر الحالي، وقال توسك ” إن أحد عناصر استراتيجية الهجرة سيكون التعليق الإقليمي المؤقت لحق اللجوء ” وأشار رئيس الوزراء إلي أنه سيطلب من الاتحاد الأوربي الاعتراف بهذا القرار، لكن توسك لم يوضح كيف سيقنع الاتحاد الأوربي بهذا القرار، خاصة أن القرار يتعارض مع القانون الدولي الذي يلزم الدول بمنح حق طلب اللجوء.
وطبقا لتوسك، فإن السلطتين الروسية والبلاروسية تتفق مع المهربين وتجار البشر علي استغلال حق اللجوء لأهداف تتعارض مع الحق في اللجوء، وذلك حيث تعمل البلدان علي زعزعة استقرار أوروبا، وأشار توسك إلي أن الاستراتيجية الجديدة تهدف إلي ” استعادة السيطرة بنسبة 100% علي من يأتي إلي بولندا ” يؤثر تدفق اللاجئين عبر الحدود البولندية علي المانيا بشكل كبير، وذلك حيث يعبر أغلب المهاجرين إلي ألمانيا، وهو الأمر الذي دفع ألمانيا إلي تشديد الرقابة الحدودية.
وتسير الحكومة الائتلافية الحالية في بولندا علي خطي الحكومة اليمينية السابقة في تشددها تجاه الهجرة، وكانت الحكومة السابقة قد سمحت بعمليات الصد علي الحدود أقامت سياجا فولاذيا بارتفاع 5.5 متر علي طول حدودها مع بيلاروسيا، وقد واصلت الحكومة الحالية برئاسة توسك في عمليات الطرد وفرض منطقة حظر علي جزء من الحدود، كما الغي البرلمان البولندي تجريم استخدام قوات الأمن للأسلحة النارية للدفاع عن نفسها، وجاء ذلك عقب مقتل جندي بولندي علي يد مهاجرين علي الحدود.
وبحسب استطلاع للرأي حول الاستراتيجية المتشددة للحكومة تجاه المهاجرين، فإن 86% من البولنديين المشاركين في الاستطلاع يؤيدون توجه الحكومة، وقد صرح وزير الخارجية رادوسلاف سيكورسكي، بأن سياسة الهجرة الصارمة التي تنتهجها حكومة التحالف المدني، كانت أحد العناصر الرئيسية في نجاح الائتلاف في الانتخابات التي جرت في أكتوبر 2023، وقال سيكورسكس ” لا أعتقد أننا كنا لنفوز لو لم نتغلب علي الحزب الحاكم آنذاك علي اليمين بشأن الهجرة، ولو لم نقنع الناخبين بأننا سنكون صارمين في حماية الحدود البولندية كما كانت الحكومة السابقة، وبالتالي حيدنا هذه القضية “.
وقد أثارت توجهات الحكومة بشأن الهجرة قلق منظمات حقوق الإنسان، وبحسب تقديرات المنظمات غير الحكومية، فإن 130 مهاجرا قد لقوا مصرعهم علي الحدود مع بيلاروسيا منذ بدء أزمة اللجوء في 2022، وتنتقد المنظمات الحقوقية رئيس الوزراء بشدة بسبب سياسة اللجوء، وقد قالت عضوة مجلس إدارة مؤسسة هلسنكي لحقوق الإنسان مالغورزاتا سزوليكا ” لم أري دونالد توسك مطلقا مدافعا عن حقوق الإنسان، لكن هذا مستوي منخفض جديد، هناك أزمة إنسانية علي الحدود، لكنها أيضا طريق هجرة مفتوح. نحن بحاجة إلي إيجاد مكان لمناقشة عقلانية لا تعتمد علي النزعة الشعبوية “.