قضت محكمة العدل الأوربية بحق دول الاتحاد الأوربي في تحديد بلاد المنشأ التي تعد أمنة لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين من خلال القانون الداخلي، واشترطت المحكمة المراجعة القضائية لضمان الامتثال للقانون الأوربي، وقد أكد حكم المحكمة علي أن حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي يمكنها سن تشريعات بالبلاد التي تعتبرها أمنة لتسريع إجراءات اللجوء، لكن المحكمة وضعت شرطا لازما لصحة تلك التشريعات، حيث لا تصبح القرارات سارية إلا إذا كانت مفتوحة للمراجعة القضائية.
وجاء الحكم بخصوص إصدار الحكومة الإيطالية في أكتوبر 2024 قائمة بالبلاد الأمنة لإعادة طالبي اللجوء، وتضمنت تلك القائمة بعض البلاد الأسيوية منها بنغلاديش وبلاد إفريقية منها مصر وتونس والمغرب، وقد طعن طالبي لجوء من بنغلاديش أمام المحكمة الأوربية العليا علي ذلك القرار، بعد أن تم نقلهما إلي البانيا بعد إنقاذهما من الغرق في البحر المتوسط، ورفض طلبات لجوئهما علي اعتبار بنغلاديش بلد منشأ أمنة.
وبحسب حكم المحكمة، فإن التشريعات الداخلية التي تحدد بلاد المنشأ الأمنة لا تتعارض بطبيعتها مع قانون الاتحاد الأوربي، ورأت المحكمة أن من واجب المحاكم الوطنية الوصول لمصادر التقييم التي استخدمت لاعتبار البلد أمنة، كما أن من واجب المحاكم الوطنية أن تجمع بنفسها معلومات موثقة بهذا الشأن وأن تتيح لأطراف الدعوي الرد عليها.
كما أكدت المحكمة العليا علي ضرورة أن تكون البلد أمنة بالنسبة لكل سكانها، وجاء بالحكم ” ومع ذلك، لا يجوز للدولة العضو إدراج دولة ما في قائمة الدول الأصلية الآمنة إذا كانت تلك الدولة لا توفر الحماية الكافية لسكانها بالكامل “، وهو الأساس القانوني نفسه الذي سبق واستندت أليه محاكم إيطاليا للحكم بعدم شرعية نقل طالبي لجوء إلي معسكرات الاستقبال في ألبانيا.
ويضع هذا الحكم عقبات أمام دول الاتحاد الأوربي بشأن تحديد بلاد المنشأ الأمنة، خاصة أن أغلب بلاد المنشأ تعد غير أمنة لبعض الفئات مثل المثليين جنسيا والمنتمين لأقليات عرقية أو دينية، وكانت العديد من دول الاتحاد الأوربي مثل ألمانيا وهولندا تشيد بنموذج إيطاليا وتنتظر حكم المحكمة الأوربية العليا لتطبيق هذا النموذج لتسريع عمليات الترحيل.
وكانت ألمانيا قد اعدت بالفعل قائمة بالبلاد التي تعتبرها أمنة لإعادة طالبي اللجوء المرفوضين، وتشمل تلك القائمة دول غرب البلقان وجورجيا وغانا والسنغال ومولدوفا، وذلك بعد إشادة المستشار الألماني السابق فردريش ميرز بسياسة الهجرة التي تطبقها إيطاليا باعتبارها ناجحة للغاية، كما اعدت المفوضية الأوربية قائمة أخري لبلاد المنشأ الأمنة تشمل مصر وبنغلاديش وكوسوفو وكولمبيا والهند والمغرب وتونس.
وقد انتقدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجينا ميلوني حكم المحكمة، ووصفت الحكم بأنه ” مقلق للجميع ” وتري ميلوني أن الحكم يضع قيود علي نطاق عمل الحكومات الوطنية، وقالت ” إن قرار المحكمة يُضعف السياسات الرامية إلى مكافحة الهجرة الجماعية غير الشرعية وحماية الحدود الوطنية “.
وسوف تظل متطلبات الحكم سارية حتي منتصف العام القادم، حيث تدخل اللائحة الجديدة للاتحاد الأوربي حيز النفاذ في 12 يونيه 2026.