يبدو أن الألمان قد ضاق ذرعهم باللاجئين، وما عادوا يرغبون في المزيد منهم، فوفقا لاستطلاع رأي أجراه معهد ألينسباخ المختص ببحوث استطلاعات الرأي ونشرت نتائجه بصحيفة فرانكفورتر ألجيماينه تسايتونج الألمانية في مارس الماضي، تزايدت نسبة الألمان الرافضين لحق اللجوء في بلادهم، فيما تناقصت نسبة الألمان المؤيدين والداعمين لحق اللجوء.
جاء في الاستطلاع أن نسبة 49% ممن شملهم الاستطلاع يرفضون مزيدا من اللاجئين ويرغبون في الحد من اللجوء إلى ألمانيا، وهي النسبة التي زادت بشكل ملحوظ يمقدار 10% عن استطلاع الرأي الذي تم إجراؤه في العام 2017، والذي جاء فيه أن نسبة 39% فقط من الألمان يرغبون في تقييد حق اللجوء إلى بلادهم.
أما أخطر ما جاء في نتائج الاستطلاع، فهو نسبة 59% من الألمان الذين شملهم الاستطلاع ممن يرون أن بلادهم لا تحتمل مزيدا من اللاجئين، في مقابل نسبة 20% فقط يعتقدون أن ألمانيا قادرة على استقبال مزيد من اللاجئين.
ومن جهة أخرى -وفقا للاستطلاع- تناقصت نسبة الألمان المؤيدين لحق اللجوء في بلادهم، حيث لم تزد عن 39%، والمحزن أن هذه النسبة كانت 52% في استطلاعات العام 2017.
يأتي الاستطلاع في الوقت الذي تزايدت فيه أعداد طالبي اللجوء في ألمانيا بشكل ملحوظ، فوفقا لتسجيلات أعداد طالبي اللجوء بالمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين BAMF تم في فبراير الماضي تسجيل 26 ألفا و 149 طلب لجوء جديد، بزيادة قدرها الضعف تقريبا عن نفس الفترة من العام الماضي، حيث لم تتجاوز طلبات اللجوء 13 ألفا و915 طلبا فقط.
استطلاع رأي معهد ألينسباخ السابق ذكره لا يتوافق إطلاقا مع حفاوة استقبال الألمان للاجئين الأوكرانيين الذين تدفقوا على البلاد منذ بداية الحرب الروسية، ومازالو يتدفقون حتى الآن، فوفقا لبيانات وزارة الداخلية الألمانية، تم تسجيل حوالي 998000 لاجئ من أوكرانيا في السجل المركزي للأجانب بين نهاية فبراير ونهاية سبتمبر 2022، وهي نفس الحفاوة التي استقبل بها الألمان في عامي 2015 و2016، حوالي 800 مليون لاجئ سوري.
وبالرغم من نسبة الرافضين للاجئين وفقا للاستطلاع السابق ذكره، إلا أن الطريف في الأمر، هو ما أعلنه مكتب الإحصاء الاتحادي في سبتمبر من العام الماضي، عندما أكد أن تدفق اللاجئين الأوكرانيين إلى ألمانيا قد ساهم في وصول عدد سكان ألمانيا إلى 84 مليون نسمة لأول مرة، وهو أعلى مستوى له، لتصبح ألمانيا أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان، وقد أوضحت أرقام مكتب الإحصاء أن صافي الهجرة من الأوكرانيين إلى ألمانيا بلغ حوالي 750 ألف فرد في النصف الأول من العام الماضي.
جدير بالذكر أن نمو السكان في ألمانيا يرتبط دوما بتدفقات اللاجئين، فوفقا للأرقام، لوحظ نمو سكاني على نطاق مماثل ثلاث مرات منذ إعادة توحيد ألمانيا عام 1990، وفي كل مرة كان مرتبطا بموجة من اللاجئين، ففي عام 1992 ساعد اللاجئون من الحرب في يوغوسلافيا السابقة على تضخم عدد السكان بمقدار 700 ألف نسمة. وفي عام 2015، سمحت ألمانيا بدخول ما يقرب من مليون لاجئ سوري.
الأرقام إذا تتناقض مع استطلاعات رأي الألمان الرافضين للاجئين، والواقع يحبط أحلامهم في أغلاق بلادهم أمام اللاجئين إليها، وحتى أصول الألمان أنفسهم، لا تساعدهم في انزعاجهم ممن يلجأن إليهم، فوفقا لإحصائيات المكتب الاتحادي للإحصاء العام 2020 أن واحدا من بين كل أربعة أفراد من سكان ألمانيا ينحدر من أصول مهاجرة، فيما بلغ عدد ذوي الأصول المهاجرة في البلاد في العام نفسه حوالي 21,2 مليون فردا، أي ما يعادل 26 بالمائة من إجمالي عدد السكان.