في سعيها للحد من محاولات عبور القناة البحرية الفاصلة بين المملكة المتحدة وفرنسا، تعمل وزارة الداخلية البريطانية مع شركة دفاع أمريكية ناشئة تدعى اندريل وهي متخصصة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويثير بدء استعانة المملكة المتحدة في إطار سياستها المتشددة تجاه الهجرة، بشركة أمريكية متخصصة في الذكاء الاصطناعي مخاوف وشكوك مناصري حقوق اللاجئين.
حيث بدأت الشركة بالفعل في تنفيذ إجراءاتها على الحدود المشتركة مع فرنسا، ووضعت برج مراقبة في ميناء دوفر البريطاني، كما أنها من الممكن أن تطرح أدوات وتقنيات أخرى في ظل تحسن الطقس والتوقعات بزيادة محاولات العبور.
وفي عام 2021، افتتحت فرعا في لندن تنضوي مهمته على “الجمع بين أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي وتقنيات الاستشعار التجارية لتعزيز الأمن القومي من خلال الاكتشاف الآلي وتحديد وتتبع الأهداف.
ونقل موقع “مهاجر نيوز” عن الباحث المتخصص في قانون العقوبات أوليفييه كان، قوله، على أن هذا التعاون هو نتيجة لسياسات الهجرة المتشددة بعد إقرار “قانون الهجرة غير الشرعية” الجديد الشهر الماضي، والذي يمنع أي شخص دخل البلاد بشكل غير نظامي من تقديم طلب لجوء.
كما يتيح القانون الجديد ترحيل هؤلاء الوافدين إلى دولة ثالثة، لا سيما وأن المملكة المتحدة توصلت إلى اتفاق مع رواندا العام الماضي لإرسال طالبي اللجوء إليها. ولكن حتى اليوم لم تتمكن السلطات من ترحيل أي طالب لجوء إلى رواندا بسبب عوائق قانونية.
والهدف من التعاون مع هذه الشركة، بحسب كان، هو “استرداد الصور التي تلتقط في البحر، واستخدام الذكاء الاصطناعي لإظهار دخول (المهاجرين) إلى أراضي المملكة المتحدة بشكل غير قانوني”. وبالتالي، تسهيل ترحيل المهاجرين.
وعندما ترصد الأجهزة حركة ما، فإنها ترسل إخطارا إلى هواتف عناصر حرس الحدود مثلا، وتظهر صورة تحدد العنصر الذي التقطته الأجهزة، وفقا لفيديو ترويجي للشركة
وتأسست الشركة في عام 2017 على يد الرئيس التنفيذي بالمر لوكي وبدعم من مستثمر آخر في بنك “سليكون فالي” بيتير ثيل وهو معروف بدعمه للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
قد يكمن سبب توجه المملكة المتحدة للاستعانة بخدمات شركة أمريكية ناشئة في المعلومات التي تمتلكها بفضل مبدأ التعلم الذاتي للذكاء الاصطناعي.
“الولايات المتحدة فيها مجموعات عرقية وأثنية متنوعة أكثر من بريطانيا، وبالتالي قد تمتلك بيانات من مجموعات بشرية يمكن مقارنتها عرقيا بالسكان الذين يعبرون القناة، مثل المهاجرين المتحدرين من الصومال على سبيل المثال، وبالتالي تسهل عملية التعرف على الوجه”.
وأشار الخبير كان إلى الصعوبات التقنية في تحديد هوية المهاجرين في البحر، مشيرا إلى أنه “غالبا ما تكون الظروف الجوية غير مثالية، وتحدث العديد من عمليات عبور القوارب الصغيرة ليلا. كيف ستعمل تقنية التعرف على الوجه في مثل هذه الظروف؟”. كما تحدث عن أساليب يمكن أن يستخدمها المهربون لتجنب هذه التقنيات مثل وضع أقنعة على وجوه المهاجرين مقابل تكلفة إضافية.
كما أن هذه التقنيات سيكون لها تحديات قانونية، إذ تشدد المنظمات الحقوقية على ضرورة إمكانية مثول طالبي اللجوء أمام العدالة.
ومنذ بداية العام الجاري، عبر أكثر من خمسة آلاف شخص القناة البحرية إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة، بحسب الأرقام الرسمية.
وكان رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون كلف الجيش بتولي مراقبة المانش وقوارب المهاجرين، وفي بداية العام الجاري، تولت وزارة الداخلية المسؤولية بأمر من رئيس الحكومة، وأنشأت وحدة قيادة تشغيلية. وقالت وزارة الداخلية إنها من خلال هذه الوحدة الجديدة ستقدم “طائرات بدون طيار وقوارب ورادار أرضي وكاميرات”، لكنها رفضت الرد على أسئلة صحيفة “الفايننشال تايمز” فيما بتعلق بالعقد الموقع مع هذه الشركة مبررة ذلك بأنها لا تعلّق على العقود التجارية في هذا المجال.