كأن الموت ليس كافيا، لدفع السلطات الفرنسية لكي تتمهل قليلا قبل اخلاء مخيم للمهاجرين،
خطف الموت قبل يوم واحد شاب عشريني من قاطنيه وهو يحاول الوصول إلى أرض الاحلام البريطانية، وبحسب جهات حقوقية لم يكن أمام ساكني المخيم سوى خيارين إما “الترحيل او التوقيف”.
وبينما الحزن يفرض إيقاعه على المخيم، حزن على الشاب السوداني المغدور وحزن قد يكون أكبر على النفس ومهانة الحياة، باغتت السلطات الفرنسية مئات المهاجرين وقامت بإخلائهم من أحد أهم المخيمات المقامة على أطراف مدينة كاليه شمال فرنسا.
وتم إخلاء المخيم الذي كان يضم حوالي 350 مهاجرا صباح الخميس الأول من حزيران/ يونيو ويعد أحد نقاط التجمع الرئيسية قبل العبور إلى المملكة المتحدة، إما في الشاحنات التي تعبر النفق الأوروبي أو عبر بحر المانش على متن قوارب صغيرة، حسبما ذكرت المهاجر نيوز.
وبحسب المحافظ جاك بيلانت، فإن هذا المخيم كان بمثابة “أكبر موقع يتجمع فيه المهاجرون في كاليه”. وشدد على أن إخلاء الموقع، جاء بناء على قرارات المحكمة الصادرة في آذار/مارس الماضي، مبررا ذلك بأنه كان “ضروريا للغاية” من أجل مواجهة “حالة انعدام الأمن والظروف غير الصحية” السائدة في المخيم المتواجد على أرض تعود لملكية خاصة.
وتؤكد السلطات على أن “جميع” المهاجرين الذين كانوا حاضرين صباح الخميس، “قرابة 300 شخص”، وافقوا على نقلهم إلى مراكز استقبال في شمال فرنسا خلال عملية نفذت “بهدوء”.
وقبل يوم واحد من الإخلاء كان شاب سوداني عشريني من قاطني المعسكر قد لقى مصرعه قرب مدينة كاليه شمال فرنسا، بعدما دهسته شاحنة أثناء محاولته الصعود على متنها والاختباء لعبور الحدود إلى المملكة المتحدة.
ومن جهتها أعربت منظمة “أطباء بلا حدود”، التي كانت تنوي إجراء استشارات طبية ونفسية بالقرب من المخيم بعد الحادث، عن أسفها لعدم تمكنها من إنشاء عيادتها المتنقلة بسبب تفكيك الشرطة للمخيم.
وتأسف كلوي هانيبو، أخصائية علم النفس في المنظمة غير الحكومية، لعدم تمكن فريقها من تقديم الدعم للمهاجرين الذين لم تتح لهم حتى فرصة الحداد على صديقهم. وتقول “نعتقد أن الأشخاص الذين عاشوا في المخيم تعرضوا لصدمة بعد المأساة، لا سيما وأن هناك من يعرف الشاب المتوفى”.
“الرد الوحيد الذي تقدمه الدولة على هذا الحدث المأساوي هو تدمير مساكن الأشخاص وإبعادهم عن كاليه”، حسبما نقلت صحيفة لافوا دو نور المحلية عن أخصائية علم النفس.
واستنكر منسق جمعية “أوبيرج دي ميغران” بيير روك، تعامل السلطات مع المهاجرين مشيرا إلى أن نقل الأشخاص إلى المراكز لم يكن طوعيا تماما، بل وصف ما حدث بأنه “إيواء إجباري”، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين يرفضون الصعود إلى الحافلات “سيتعرضون للتوقيف، لذلك لا خيار أمامهم” سوى المغادرة.
وأضاف الناشط أن حوالي خمسين شخصا غادروا المخيم بمفردهم دون أن يُنقلوا إلى مركز استقبال.
ومنذ عام 2018، ازدادت محاولات المهاجرين عبور بحر المانش على متن قوارب صغيرة، بالتزامن مع اتخاذ السلطات لإجراءات تزيد من تعقيد عملية العبور إلى بريطانيا برا مثل إغلاق المداخل المؤدية إلى ميناء كاليه والنفق الأوروبي الواصل بين البلدين.
والعام الماضي سجل وفاة خمسة مهاجرين غرقا في بحر المانش، ومات ما لا يقل عن ثلاثة آخرين بالقرب من الساحل، في محاولة لركوب شاحنات أو قطارات.
يشار إلى أن فرنسا تتجه نحو إرساء قانون جديد متعلق بالهجرة، وبدأ البرلمان الفرنسي النظر في بنوده في شهر آذار/ مارس، ويهدف القانون لتسوية أوضاع المقيمين بشكل غير قانوني منذ ثلاث سنوات أو أكثر والعاملين في القطاعات التي تشكو نقصا في اليد العاملة، كما يعجل بدراسة ملفات طالبي اللجوء لكنه في نفس الوقت سيكون وسيلة لتكثيف عمليات ترحيل الأجانب غير النظاميين.