وقعت تونس مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي تهدف بصورة جزئية إلى الحد من الهجرة غير المنظمة، وسط انتقادات حقوقية بسبب تعامل السلطات التونسية، “غير الإنساني”، مع مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، مؤخرا.
وأصبحت تونس نقطة انطلاق رئيسية يستخدمها المهاجرون من أجل الوصول إلى الأراضي الأوروبية عبر البحر المتوسط. وشمل اتفاق “الشراكة الاستراتيجية” مجالات أخرى من بينها التنمية الاقتصادية والطاقة المتجددة.
وعقب الإعلان عن الاتفاق، الذي وقع في تونس، تعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بتعزيز ورفع مستوى التعاون في إدارة الحدود وعمليات البحث والإنقاذ
كما قالت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، إن الاتفاق خطوة مهمة نحو شراكة حقيقية لمعالجة ما تصفه بـ”أزمة الهجرة”.
ولكن الاتفاقية التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع تونس أثارت كذلك انتقادات بسبب طريقة تعامل السلطات التونسية في الآونة الأخيرة مع المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وألقت قوات الأمن التونسية أخيرا القبض على المئات من هؤلاء المهاجرين في أنحاء متفرقة من البلاد ثم رحلتهم، بحسب منظمات غير حكومية، إلى مناطق صحراوية غير مأهولة تقع على الحدود مع كل من الجزائر وليبيا.
وهؤلاء المهاجرون، وبينهم نساء وأطفال، تركوا لمصيرهم وسط الصحراء في العراء من دون ماء أو طعام، وفقا لشهادات جمعتها وكالة الأنباء الفرنسية عبر الهاتف ومقاطع فيديو تلقتها منظمات غير حكومية في تونس.
وفي معرض تعليقه على هذا الوضع، أكد المسؤول الأوروبي الرفيع المستوى أن مساعدة بروكسل لتونس “ليست شيكا” على بياض.
وأوضح المسؤول أن الاتفاقية نصت على إبرام سلسلة عقود مع أطراف فاعلة مختلفة، في مقدمها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة.
كذلك، فإن مذكرة التفاهم التي وُقعت في تونس العاصمة الأحد بحضور الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيسة المفوضية الأوروبية ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ونظيرها الهولندي مارك روته، لا تزال بحاجة لأن تصادق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وفي حين أرادت دول أوروبية عدة، من بينها خصوصا إيطاليا، أن يخولها الاتفاق إعادة كل المهاجرين غير النظاميين إلى تونس إذا ما كان هؤلاء قد أبحروا من هذا البلد، رفضت الدولة العربية هذا الطلب، مشددة على أنها لا تريد أن تكون “بلدا لاستقرار المهاجرين غير الشرعيين”.
ومن هنا، فإن الاتفاقية المبرمة بين بروكسل وتونس، لا تنص سوى على عودة التونسيين المقيمين في الاتحاد الأوروبي خلافا للقانون إلى بلدهم.
وتلحظ مذكرة التفاهم تخصيص 15 مليون يورو – من أصل الـ 105 ملايين يورو- للعودة “الطوعية” لنحو 6000 مهاجر من دول أفريقيا جنوب الصحراء من تونس إلى بلدانهم الأصلية.
كما يعتزم الاتحاد الأوروبي تسليم خفر السواحل التونسيين طائرات مسيّرة وثمانية زوارق، وذلك بهدف تعزيز قدراتها في تنفيذ عمليات بحث وإنقاذ في عرض البحر.