تمسكت الحكومة البريطانية بقرارها للمضي قدما في خطة، مثيرة للجدل، تنص على إرسال مهاجرين إلى رواندا، رغم رفض المحكمة العليا البريطانية هذه الخطة، وهو الحكم الذي رحبت به الجمعيات الحقوقية واعتبرته بمثابة “انتصار”، و”هزيمة كبرى” للحزب الحاكم.
وجاء قرار الحكومة البريطانية بعد وقت قصير من إصدار المحكمة العليا البريطانية يوم الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين ثاني، قرارا بعدم شرعية خطة الحكومة المثيرة للجدل بترحيل طالبي اللجوء الذين وصلوا البلاد بشكل غير قانوني إلى رواندا.
وقد رفض القضاة الخمسة بالإجماع الاستئناف التي قدمته السلطات، وأكدوا على الاستنتاجات التي وصلت إليها محكمة الاستئناف، في 29 يونيو /حزيران، بشأن عدم قانونية هذا الإجراء الذي ارتكزت عليه سياسة الحكومة المحافظة لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وأكد رئيس المحكمة العليا روبرت ريد، أن هذا القرار يستند إلى أسباب قانونية وليس سياسية أبدا، حسبما ذكر موقع “مهاجر نيوز”.
وبالرغم من الحكم، أعلنت رئاسة الوزراء البريطانية في بيان، أن لندن وكيغالي، أكدا خلال اتصال هاتفي، “التزامهما الراسخ بإنجاح شراكتهما في مجال الهجرة، واتفقتا على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أن تكون هذه السياسة قوية وقانونية”.
وتم الإعلان قبل عام ونصف، في ظل حكومة بوريس جونسون، عن خطة المملكة المتحدة إرسال طالبي اللجوء الذين يصلون بشكل غير قانوني، إلى رواندا، ولم يتم تنفيذها قط.
وفي منتصف عام 2022، تم إلغاء الرحلة الأولى إلى رواندا في اللحظة الأخيرة، بعد قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ثم في نهاية حزيران/يونيو الماضي، قضت محكمة الاستئناف في لندن بأن المشروع “غير قانوني”، وخلصت إلى أن رواندا لا يمكن اعتبارها “دولة ثالثة آمنة” في وضعها الحالي. ثم قدر القضاة أن هناك “خطرا حقيقيا يتمثل في إعادة الأشخاص الذين تم إرسالهم إلى رواندا (بعد ذلك) إلى بلدانهم الأصلية حيث تعرضوا للاضطهاد، وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية”.
وهو المنطق الذي صدقت عليه المحكمة العليا يوم الأربعاء.
وبعد دقائق قليلة من صدور حكم أعلى محكمة بريطانية، قالت الحكومة الرواندية عبر متحدث باسمها، إنها “تعارض القرار القائل بأن رواندا ليست دولة ثالثة آمنة لطالبي اللجوء واللاجئين”.
وأعربت منظمات “هيومن رايتس ووتش”، والعفو الدولية، و”الحرية من التعذيب” غير الحكومية عن “الارتياح الهائل” للحكم.
وتعليقا على الإجراءات القانونية، اعتبرت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أن رواندا ليس لديها “نظام لجوء يمكن الوصول إليه وموثوق به وعادل وفعال”، وأشارت إلى أنها “أعربت دائما عن مخاوف جدية” إزاء هذا الملف.
وذكّرت مفوضية اللاجئين، رئيسة المحكمة العليا، بأن رواندا رفضت “100% من طلبات اللجوء” من دول في مناطق نزاع مثل سوريا واليمن وأفغانستان، “رغم أن السلطات البريطانية تعتبر في كثير من الأحيان أن هذه الطلبات غالباً ما تكون مبررة”.
وتعد خطة الطرد التي أرادتها السلطات البريطانية بمثابة رمز لسياستها المتشددة لمواجهة الهجرة غير النظامية. لكن التدابير الأخرى تثير قلق المدافعين عن حقوق الإنسان أيضاً.
وفي يوليو/تموز، أقر البرلمان قانونا يحظر على المهاجرين الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة بشكل غير قانوني طلب اللجوء، بغض النظر عن أسباب فرارهم من بلادهم. ويعتبر هذا القانون مخالفا للقانون الدولي بحسب الأمم المتحدة.