تعتزم المعارضة اليمينية الفرنسية الضغط على الحكومة حول موضوع الهجرة، بمطالبتها في الجمعية الوطنية بإلغاء الاتفاق الفرنسي الجزائري المبرم عام 1968، والموافقة على أن تكون قوانين أساسية يتم إقرارها في الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ أو بموجب استفتاء، مخالفة للاتفاقات الثنائية أو القانون الأوروبي، وهو ما وصفه المعسكر الرئاسي بـ “بريكست” في مجال الهجرة.
وأدرج المقترحان في رأس قائمة جدول الجمعية الوطنية ليوم الخميس، 14 ديسمبر/كانون أول الجاري، المخصص لكتلة “الجمهوريين” (يمين) التي تعد حوالي ستين نائبا من أصل 577.
وتشير وسائل إعلام فرنسية إلى أنه بالرغم من أنه من المرجح رفض المقترحين، فإن اليمين يسعى من خلالهما إلى تجسيد “الحزم” الحقيقي في مسائل الهجرة بنظر الرأي العام، حسب ما أفيد داخل التكتل.
وأثار الجمهوريون بطرحهم مسودة قرار تدعو إلى “إلغاء السلطات الفرنسية الاتفاق الفرنسي الجزائري العائد إلى 27 ديسمبر / كانون الأول 1968″، بلبلة داخل الأغلبية الرئاسية.
ولن يكون مثل هذا النص في حال إقراره ملزما، إلا أن نوابا من كتلة حزب “النهضة” الرئاسي لم يكونوا معارضين لتوجيه “إشارة” إلى الجزائر من خلال مراجعة الوضع المؤات الممنوح لرعاياها على صعيد شروط التنقل والإقامة والعمل في فرنسا.
وبعد نقاش داخلي، أوضحت نائبة رئيس الحزب ماري لوبيك أن المجموعة “انضمت في نهاية المطاف إلى موقف الغالبية القاضي بالتصويت ضده” حتى لو “كنا جميعنا موافقين على أن الاتفاق لم يعد يعمل”.
في المقابل، يعتزم نواب حزب “آفاق” الذي أسسه رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب التمايز عن موقف حلفائهم في حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، بالتصويت من أجل الاقتراح.
وأوضح زعيم الكتلة لوران ماركانجيلي أن هذا الموقف اعتمد “بتوافق تام مع كلام إدوار فيليب” الذي دعا بنفسه في يونيو/ حزيران إلى هذه المراجعة.
ويقضي الاتفاق الموقع عام 1968 في وقت كان الاقتصاد الفرنسي بحاجة إلى يد عاملة، بمنح الجزائريين امتيازات ولا سيما استثنائهم من القوانين المتصلة بالهجرة. فبإمكانهم البقاء في فرنسا بموجب “تصريح إقامة” وليس “بطاقة إقامة”.
كما بإمكانهم الإقامة بحرية لمزاولة نشاط تجاري أو مهنة مستقلة، والحصول على سند إقامة لعشر سنوات بسرعة أكبر من رعايا دول أخرى.
ويعتبر نواب “الجمهوريين” أن ذلك يوازي “حقا تلقائيا في الهجرة” في وقت يهدف مشروع قانون حكومي من المتوقع مواصلة مناقشته في الجمعية الوطنية إلى “ضبط الهجرة” بصورة أفضل.
وترى لوبيك أن إصدار قرار برلماني “لا معنى له، إنه إساءة موجهة إلى الجزائر في وقت تحسنت علاقاتنا في الأشهر الأخيرة”.
وفي مواجهة “الفخ” الذي نصبه اليمين بحسب تعبير مصدر حكومي، قال مصدر في حزب النهضة أنه سيتسنى للسلطة التنفيذية الخميس “عرض موقفها” بشأن هذه المسألة، متوقعا الخوض في “إعادة تفاوض”.
ومع المقترح الثاني، سيؤكد الجمهوريون مرة جديدة على أن سن قوانين حول الهجرة لن يأتي بنتائج بدون إصلاحات دستورية وصفها النائب باتريك هرتزل بأنها “الأساس”.
ويطالب الجمهوريون بتوسيع نطاق الاستفتاء ليشمل أي مشروع قانون أو مشروع قانون أساسي، بما في ذلك مسائل الهجرة.
كما تنص المسودة التي تم رفضها لدى درسها في لجنة، على فرض معيار “الاندماج” من أجل حصول المهاجرين على الجنسية الفرنسية، ووقف العمل بحق المواطنة بالولادة في مايوت، إحدى المقاطعات الفرنسية ما وراء البحار الواقعة في المحيط الهندي، وفرض حصص هجرة يحددها البرلمان.
والهدف الأساسي لمشروع القانون هو السماح بأن تكون قوانين أساسية يتم إقرارها في الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ أو بموجب استفتاء، مخالفة للاتفاقات الثنائية أو القانون الأوروبي.
وندد المعسكر الرئاسي المعارض لمثل هذه التدابير، بـ”فبريكسيت في مجال الهجرة”، بحسب كلمة مستوحاة من بريكست وتعني خروجا فرنسيا عن الإجماع الأوروبي.