توصل النواب الأوروبيون والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن إصلاح نظام الهجرة بعد مفاوضات طويلة وشاقة، غير أن منظمات حقوقية اعتبرت أن “هذا الاتفاق يشكّل فشلا تاريخيا” و”سيتسبب في المزيد من الوفيات في البحر”.
وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين يوم 19 ديسمبر/ كانون الأول بهذا “الاتفاق التاريخي” حول ميثاق الهجرة واللجوء. واعتبرت رئيسة البرلمان الأوروبي روبيرتا ميتسولا “أنه على الأرجح أهم اتفاق تشريعي” في ولايتها، حسبما ذكر موقع “مهاجر نيوز”.
ولقيت هذه المبادرة إشادات من ألمانيا وفرنسا وإسبانيا واليونان وهولندا، فضلا عن إيطاليا التي اعتبرت أن هذا الإصلاح يجعل البلدان التي هي في الخطوط الأمامية في مواجهة تدفّقات المهاجرين “تشعر بأنها ليست وحيدة”.
وفي المقابل، دحضت المجر المعارضة لتدابير التضامن المنصوص عليها في الاتفاق “بشدّة” الميثاق الجديد للهجرة واللجوء الذي لا يتطلّب اعتماده سوى أغلبية مؤهلة.
يشكّل هذا الميثاق الذي قدمته المفوضية الأوروبية في سبتمبر/أيلول 2020 محاولة جديدة لإعادة صياغة اللوائح الأوروبية، بعد أن فشلت محاولة سابقة في 2016 في أعقاب أزمة اللاجئين.
والهدف هو إقرار مجمل النصوص بشكل نهائي قبل الانتخابات الأوروبية المقرّر تنظيمها في يونيو/حزيران 2024، علما أن مسألة الهجرة تتصدّر النقاش السياسي في عدّة بلدان أوروبية، على خلفية تصاعد الأحزاب اليمينية المتطرّفة والشعبوية.
وينصّ الإصلاح الذي يتضمن سلسلة من خمسة نصوص، على مراقبة معزّزة لعمليات وفود المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي وإقامة مراكز مغلقة بالقرب من الحدود لإعادة الذين تُرفض طلباتهم للجوء بسرعة أكبر، فضلا عن آلية تضامن إلزامية بين البلدان الأعضاء لمساعدة الدول التي تواجه ضغوطا كبيرة.
وما زال ينبغي أن يحصل هذا الاتفاق السياسي رسميا على موافقة كل من المجلس (الدول الأعضاء) والبرلمان الأوروبي.
وأشاد فيليبو غراندي رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على حسابه في “اكس” (تويتر سابقاً) “بـ خطوة إيجابية بدرجة كبيرة” مضيفاً أن المفوضية “مستعدة لتقديم المشورة والمساعدة”.
إلا أن مجموعة من 15 منظمة غير حكومية تعنى بعمليات الإغاثة في البحر اعتبرت أن “هذا الاتفاق يشكّل فشلا تاريخيا” و”سيتسبب في المزيد من الوفيات في البحر”.
واشارت منظمة العفو الدولية إلى أن الاتفاق “سيزيد من معاناة” المنفيين، ووصفته منظمة أوكسفام بأنه “تفكيك خطير للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين”.
ويُبقي الإصلاح على القاعدة المعمول بها حاليا ومفادها أن أول بلد يدخله طالب اللجوء في الاتحاد الأوروبي هو الذي يتولّى متابعة ملفّه، مع بعض التعديلات. لكن، بغية مساعدة البلدان المتوسطية التي تصل إليها أعداد كبيرة من المهاجرين، يُعتمد نظام تضامن إلزامي في حال اشتدّت الضغوط عليها.
وينبغي للدول الأعضاء الأخرى تقديم المساعدة، إما من خلال تولّي طلبات اللجوء (نقل أصحاب الطلبات إلى أراضيها) أو من خلال تقديم دعم مالي أو مادي.
وأعرب نائب رئيسة المفوضية مارغاريتيس شيناس عن سعادته لرؤية العائلات السياسية الثلاث الكبرى تؤيد هذا الاتفاق”، حزب الشعب الأوروبي (اليمين)، والاشتراكيون الديموقراطيون وحزب تجديد أوروبا (رينيو يوروب)، مضيفاً “من لن يتبعنا؟ اليمين المتطرف. وهذا لا يزعجنا”.
ومن النصوص الأخرى التي تمّ التوافق عليها، تسوية بشأن حالات الأزمات والقوّة القاهرة بغية تنظيم الردّ في وجه تدفّق كثيف للمهاجرين إلى دولة في الاتحاد، كما حصل وقت أزمة اللجوء في 2015-2016.
وينصّ الميثاق في هذا السياق على مبدأ التضامن الإلزامي بين الدول الأعضاء واعتماد نظام استثنائي أقلّ حماية لطالبي اللجوء من الإجراءات الاعتيادية، مع احتمال تمديد فترة الاستبقاء عند الحدود الخارجية للتكتّل الأوروبي.
يشهد الاتحاد الأوروبي ارتفاعا في حالات الوصول غير النظامية إلى أراضيه، فضلا عن ازدياد طلبات اللجوء.
وخلال الأشهر الأحد عشر الأولى من سنة 2023، رصدت وكالة “فرونتكس” أكثر من 355 ألف محاولة عبور للحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، في ارتفاع نسبته 17 %.
وقد تتخطّى طلبات اللجوء مليون طلب بحلول نهاية 2023، بحسب وكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي.