قضت المحكمة العليا الإسبانية، بأن ترحيل مئات الشباب المغاربة القصّر من جيب سبتة الإسباني في أغسطس/آب 2021، بعد عملية عبور جماعية للحدود، غير قانونية، وينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان، فيما يعد ضربة لسياسة الحكومة الائتلافية الخاصة بالهجرة.
ورفض قضاة المحكمة استئنافا تقدمت به الحكومة على حكم سابق أصدرته محكمة محلية في سبتة، أمر مدريد بإعادة الشباب المغاربة إلى إسبانيا، معتبرا أن طردهم غير قانوني.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن الوزارة “تحترم لأقصى حد الأحكام القضائية” بدون أن يدلي بمزيد من التعليقات على الحكم أو تبعاته.
وعبر المهاجرون القصر، بدون ذويهم، إلى سبتة بصحبة 12 ألف شخص في مايو/أيار 2021، في ذروة خلاف دبلوماسي بين مدريد والرباط بشأن الصحراء الغربية.
وأُعيد نحو 700 منهم إلى المغرب في منتصف أغسطس/ آب بعد اتفاق بين البلدين الجارين.
وقالت المحكمة العليا إن الطرد الجماعي للقُصر لا يشكل انتهاكا لقوانين الهجرة المحلية فحسب، بل ينتهك أيضا الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
كانت منظمتان غير حكوميتين طالبتا بتوجيه اتهام إلى مندوبة ونائب رئيس سبتة لطردهما أطفالا مهاجرين مغاربة دون الأخذ بعين الاعتبار مبادئ حقوق الإنسان.
ويتعلق الأمر بكل من الشبكة الإسبانية للهجرة ومساعدة اللاجئين، وجمعية التنمية المتكاملة “ليسكولا”، اللتين طلبتا رسميا من رئيس محكمة التحقيق رقم 2 في سبتة توجيه اتهام مباشر إلى كل من مندوبة الحكومة، سلفادورا ماتيوس، والنائب الأول لرئيس السلطة التنفيذية الإقليمية، مابيل ديو، لتدخلهما في الطرد السريع لـ 55 طفلاً مهاجراً من المغرب بين 13 و16 أغسطس 2021.
وحسب ما نقلته الصحافة الإسبانية فإن مكتب المدعي العام بسبتة اعترف بارتكاب جريمة مزعومة تتعلق بـ” استمرار المراوغة”.
وكانت “ليسكولا”، وهي جمعية مدنية غير ربحية تسعى إلى “التنمية الشاملة لأضعف الناس”، هي المنظمة التي شجبت قبل اثني عشر شهرًا إعادة القصر الأجانب غير المصحوبين بذويهم إلى مكتب المدعي العام في غرناطة، باعتبارها جريمة جنائية محتملة، وهي فرضية انتهى بها المطاف إلى النيابة العامة في سبتة للتحقيق في الأمر.
وقالت نوريا غونزاليس، رئيسة جمعية “ليسكولا”، ضمن حوار مع “ألفارو دو سوتة”: “أعتقد أنهم أرادوا نقل شيء ما أو توصيله. هذا رأيي لكنه لم يتحقق، وكان سيئا للغاية. لقد كانت، كما أفهم، مناورة سياسية تجاهلت حقوق الأطفال”.
وأقرت محكمة إسبانية عليا قبل شهر بأن ترحيل القاصرين المغاربة الذين وصلوا إلى سبتة العام الماضي كان عملية غير قانونية وانتهاكا لحقوقهم.
وكان عدد من القاصرين المغاربة دخلوا مدينة سبتة في مايو من سنة 2021، من بين مئات المهاجرين الذين أعيد معظمهم إلى المغرب في غضون أيام.
واحتفظت سبتة بعشرات المهاجرين القاصرين، وتعهدت الحكومة الإسبانية بإعادتهم إلى المغرب في مجموعات مكونة من 15 شخصا، وهو ما أثار جدلاً داخل الائتلاف الحكومي، رافقته شكايات من منظمات غير حكومية عدة تطالب بإلغاء عمليات الطرد.
وأعيد القاصرون غير المصحوبين إلى المغرب دون السماح لهم بالاستعانة بمحام ودون أن يتم الاستماع إليهم، في حين تؤكد القوانين أن عملية الإعادة إلى البلد الأصلي يجب أن تكون مصحوبة بسلسلة من الإجراءات.
يذكر أن هناك اتفاقية بين مملكة إسبانيا والمملكة المغربية بشأن التعاون في مسألة منع الهجرة غير الشرعية للقصر غير المصحوبين بذويهم عام 2007، الذي يوضح في المادة 5 منه أن أي إعادة لطفل مهاجر لا يمكن أن تتم إلا “مع التقيد الصارم بالتشريعات الإسبانية وقواعد ومبادئ القانون الدولي وتلك المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل من قبل السلطات الإسبانية المختصة”.