خرج نحو مليون ونصف المليون شخص في مدن كبيرة وصغيرة بألمانيا للتظاهر ضد اليمين المتطرف خلال الأيام الماضية، احتجاجا على مخططات لليمين المتطرف تم الكشف عنها تستهدف إعادة تهجير ملايين الأجانب، فيما رأى وزير الزراعة أن الحشود الهائلة توجه رسالة للحكومة أيضا، بضرورة التوحد ضد العدو المشترك.
وقالت منظمة “فرايداي فور فيوتشر” وتحالف “كومباكت” دفاعا عن المواطنة في بيان يوم21 يناير /كانون الثاني، “يوم الأحد وحده، حصلت تحركات احتجاجية في أربعين مدينة، في إشارة واضحة ضد “البديل من أجل المانيا” والانحرافات اليمينية في المجتمع الألماني”.
وتوجه الرئيس الألماني فرانك – فالتر شتاينماير بالشكر للمتظاهرين ضد التطرف اليميني ودفاعا عن الديمقراطية.
وقال شتاينماير في رسالة مصورة بالفيديو: “هؤلاء الأشخاص يمنحوننا جميعا الشجاعة. إنهم يدافعون عن جمهوريتنا وقانوننا الأساسي في مواجهة الأعداء . إنها يدافعون عن إنسانيتنا،.حسبما ذكر موقع “دويتش فيله”.
وأضاف أن أشخاص مختلفين تماما شاركوا في المسيرات في الشوارع، واستدرك: ولكنهم جميعا لديهم شيء مشترك، إنهم يقفون الآن في مواجهة معاداة البشر والتطرف اليميني. إنهم يرغبون في العيش سويا بحرية وسلام في المستقبل أيضا”.
وقال إنه من الضروري حاليا تشكيل تحالف يضم جميع الديمقراطيات والديمقراطيين، وتابع: “بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون في الريف أو المدينة، أو إذا ما كانوا شبابا أو كبارا، أو إذا ما كان لديهم تاريخ هجرة أم لا”. وأكد الرئيس الألماني قائلا: “مستقبل ديمقراطيتنا لا يتعلق بمدى ارتفاع صوت مناهضيها، ولكنه يرتبط بقوة من يدافعون عن الديمقراطية. فلنظهر أننا أقوى سويا”.
وبدوره أشاد وزير الزراعة الألماني جيم أوزديمير بالاحتجاجات واسعة النطاق على مستوى ألمانيا ضد التطرف اليميني.
وقال أوزديمير في تصريحات لإذاعة ألمانيا، إن الناس يقولون من قلب المجتمع: “يكفي ذلك الآن”.
وقال أوزديمير إنه أدرك أن المظاهرات موجهة أيضا للائتلاف الحاكم، وأوضح قائلا: “يجب أن نقوم بعملنا. لا يتعلق الأمر فحسب بتعبئة الوسط الديمقراطي، ولكن الأمر يتعلق أيضا بأن يتوقف الائتلاف الحاكم -وكذلك المعارضة الديمقراطية المتمثلة في التحالف المسيحي- عن التشاحن ودفع الناس بذلك إلى أحضان حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المعارض”.
وأضاف أن التشاحن داخل الائتلاف الحاكم والانشغال بالذات يقوض الثقة في أن الحكومة تحل المشكلات”.
وأشادت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك التي تنتمي لحزب الخضر بتزايد الاحتجاج في مواجهة اليمين في ألمانيا، لاسيما في المدن الصغيرة ومتوسطة الحجم، وقالت بيربوك في مؤتمر لحزب الخضر بولاية براندنبورغ : “هذا بالأحرى هو القوة في بلدنا”، وأشارت إلى أنه عندما تعلق الأمر بإذا ما كان الشخص إنسانا أو كارها للبشر، قام الناس بمسيرات في الشوارع ، دون أية مناشدات كبيرة وللمرة الأولى.
وتمّ الإعلان عن تظاهرات في حوالي أربعين مدينة كبيرة، مثل برلين وميونيخ وبون وكولونيا، فضلا عن مدن أصغر. وقد شارك أكثر من 100 ألف شخص في تظاهرات نظمّت السبت في عشرات المدن الألمانية، حتّى ان القناة العامة “ايه ار دي” أفادت بمشاركة 250 ألف شخص في الاحتجاجات في عموم البلد.
وكانت ألمانيا شهدت في الأيام الماضية مظاهرات مناهضة لليمين في كل أنحاء البلاد، وكثيرا ما كان يزيد عدد المشاركين في هذه المظاهرات عن المتوقع.
وتأتي هذه الاحتجاجات بعد أن كشفت منصة “كوريكتيف” الإعلامية أن عدة مسؤولين كبار في حزب البديل التقوا في مدينة بوتسدام شرقي ألمانيا في الخامس والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مع شخصيات يمينية متطرفة من بينها النمساوي مارتن سيلنر، الذي تزعم على مدار فترة طويلة حركة الهوية الاشتراكية الأوروبية المتطرفة التي تعارض بشدة هجرة المسلمين إلى أوروبا. وكان سيلنر كشف أنه تحدث في اجتماع بوتسدام عن “إعادة التهجير”.
يذكر أن اليمينيين المتطرفين يقصدون باستخدام مثل هذه العبارة ضرورة مغادرة عدد كبير من الأشخاص ذوي الأصول الأجنبية لألمانيا حتى بالإكراه. وأثار التقرير غضبا في ألمانيا وشهدت عدة مدن احتجاجات جماهيرية ضد حزب البديل مطلع الأسبوع الماضي، وكان شولتس ووزيرة خارجيته أنالينا بيربوك شاركا في مظاهرة في مدينة بوتسدام احتجاجا على اليمين المتطرف.