وصل أربعة أطفال من ضحايا الحرب الإسرائيلية الفلسطينية، بين سن الـ 14 شهرًا و17 عامًا، إلى العاصمة السويسرية جنيف، قادمين من قطاع غزة لتلقي العلاج الطبي في سويسرا، ولإبعادهم عن الخطر المحدق الذي يعيشون فيه، وذلك بمبادرة من طبيب مقيم في جنيف من أصول فلسطينية، وعبر التعاون بين ثلاث منظمات غير حكومية.
ومن المقرر أن يخضع الأطفال، لعمليات جراحية في عيادة خاصة، وذلك في إطار التعاون غير الحكومي لمساعدة الأطفال المتأثرين بالحرب.
ومن بين هؤلاء شقيقتان، تبلغان من العمر ستة وسبعة أعوام، مصابتان بكسور وحروق من الدرجة الثانية والثالثة مع نخر في الجلد، وفتى يبلغ من العمر 16 عامًا يحتاج إلى جراحة تجميلية بعد أن فقد ساقه في انفجار، وفق قناة الإذاعة والتلفزيون العمومية السويسرية الناطقة بالفرنسية (RTS).
وتمثل هذه المبادرة نتاجًا لجهد تعاوني من قبل ثلاث منظمات غير حكومية: حق الطفولة في الرعاية الصحية، وقوافل التضامن، والاتحاد الدولي لمنظمات الرعاية والإغاثة الطبية.
وهذا ما يميزها عن الجهود التي تقودها الحكومات في دول مثل فرنسا وإيطاليا، واللتين تعهدتا في وقت سابق باستقبال 50 و100 طفل على التوالي. وقد أطلق الاتحاد الدولي لمنظمات الرعاية والإغاثة الطبية حملة جمع تبرعات لحشد الدعم لهذه المبادرة.
كان رؤوف السلطي، مؤسس ورئيس منظمة حق الطفولة في الرعاية الصحية، وطبيب المسالك البولية المقيم في جنيف، عنصرًا رئيسيا في إطلاق هذه المبادرة. ولد السلطي في دمشق، بسوريا، لأب وأم فلسطينيين لاجئين جراء حرب 1948. وقد أكمل دراسته في فرنسا حيث مارس الطب، قبل أن ينتقل إلى سويسرا في نهاية عام 2011. وتتشكل علاقته المتجذرة بفلسطين وأهلها، إلى حد كبير، من خلال تاريخ نزوح عائلته.
في عام 2018، وجد السلطي نفسه محاصرًا في غزة أثناء مهمة في مستشفى الشفاء وسط اندلاع الحرب. وقد أثر فيه الدمار والخسائر في الأرواح اللذين عاينهما. يقول لسويس إنفو “عندما أرى ما يحدث هناك الآن، أضع نفسي مكان طفل أو طفلة صغيرة وأتخيل ما يشعر أو تشعر به”.
في 24 نوفمبر 2023، سافر السلطي إلى القاهرة للقاء إيفون بومان، سفيرة سويسرا في مصر. ويقول إن: ” تعاون السفيرة كان له دور فعال في جعل هذا المشروع ممكنًا، حيث إنها المرة الأولى التي يتم فيها جلب أطفال وطفلات من غزة إلى دولة أوروبية لتلقي العلاج الطبي”.
وفي غضون أيام قليلة، سيعود السلطي إلى مصر، لنقل ستة أطفال جرحى آخرين إلى سويسرا.
ويصف اختيار الأطفال بكونها عملية دقيقة، ويؤكد أن المعيار الأساسي كان نوعية التدخلات الطبية التي يمكن أن يقدمها السلطي. كما أنها تطلبت التنسيق المستمر مع الجهات المعنية في غزّة.
ويقيم الأطفال حاليًا مع عائلات مضيفة. وقد تم تحديد موعد للتدخلات الطبية لكل منهم، ولا يهدف مشروع رؤوف السلطي إلى توفير العلاج الطبي فحسب، بل أيضًا السعي إلى توفير مخرج لهؤلاء الأطفال من “السجن المروع” للظروف التي يعيشون ويعشن فيها، وتشجيع الدول الأوروبية الأخرى على تقديم المساعدة.
ويقول السلطي في مقابلته مع “سويس إنفو”: “أحث أوروبا على التمييز بين الإنسانية والسياسة”، داعياً الدول الأخرى إلى “التوقف عن المشاهدة بصمت والبدء في المساعدة”.
وفي السياق نفسه، أعرب توفيق شماع، الطبيب في اتحاد منظمات الإغاثة الطبية السورية، والذي ساعد في جلب الأطفال والطفلات الفلسطينيين الأربعة إلى جنيف، عن أمله في أن يتبعهم المزيد من الأطفال والطفلات المصابين والمصابات.
كما أعرب عن رغبته، خلال مقابلة مع قناة الإذاعة والتلفزيون العمومية السويسرية الناطقة بالفرنسية في أن تمهد سويسرا الطريق أمام الدول الأوروبية الأخرى. وبين أنه يعتقد أن رعاية الأطفال والطفلات الجرحى يجب أن تصبح “مبدأً”.
حيث قال: “نحن على شفا إنسانيتنا، حيث يموت الأطفال والطفلات بسبب نقص الرعاية الطبية.”
وكان في استقبال الجرحى وأمهاتهم سفير دولة فلسطين بسويسرا إبراهيم خريشي، ونائبه خلوصي بسيسو.
وقال خريشي: “إنها خطوة أولى، أصيب أكثر من 66 ألف مواطن في قطاع غزة، وخرج ما لا يقل عن 30 مستشفى عن الخدمة. هناك 16 مستشفى متبقية، لكن لا تعمل أي واحدة منها بشكل كامل. نحن اليوم بحاجة إلى مساعدة جميع العالم وإلى وقف لإطلاق النار يسمح لنا بإجلاء المزيد من الجرحى”.
يذكر أن الحرب الإسرائيلية على غزة أدت الى مقتل 28 ألف فلسطيني حتى الآن، من بينهم 12 ألف طفل، حسب تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية.