أوقفت السلطات الإيطالية، 14 شخصا بعد احتجاجات عنيفة نشبت في مركز احتجاز ما قبل الترحيل في بونتي غاليريا، قرب العاصمة روما، في أعقاب الانتحار المأساوي لمهاجر من غينيا، بينما دعت قوى حقوقية الى إغلاق مراكز الاحتجاز “غير الإنسانية”، والتي اعتبرت أنها تنهار، ولا توفر أي ضمانات لقاطنيها.
وكشفت مصادر بالتحقيق، أن الشاب، 22 عاما، شنق نفسه بملاءة، وسيقوم المحققون بفحص مقاطع فيديو من كاميرات المراقبة داخل المركز، وكذلك الرسالة التي تركها الشاب، وكتب فيها “لم أعد قادرا على الاستمرار”، مطالبا بدفن جثته في أفريقيا. ولفظ الشاب أنفاسه قبل تدخل العاملين الصحيين.
وجاء في رسالته الأخيرة “أفتقد أفريقيا كثيرا وأمي أيضا، يجب ألا تبكي علي. السلام لروحي، سأرقد بسلام”. ووفقاً لوسائل إعلام إيطالية، تم تسجيل حالتي انتحار أخريين في مراكز احتجاز “.
وتم نقل الشاب، وهو من غينيا، إلى روما من منشأة لاستضافة المهاجرين في تراباني بصقلي، حسبما ذكر موقع “مهاجر نيوز”.
وأثار انتحار المهاجر حالة من الفوضى والاستنكار بين نزلاء المركز، مما أدى إلى إصابة شرطيين وجندي من الجيش. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لقمع الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت، وشملت إلقاء الحجارة ومحاولة إشعال النار في سيارة ومحاولة كسر أحد الأبواب.
واندلعت أعمال الشغب في الساعة التاسعة ونصف صباح يوم الأحد 4 فبراير/شباط، عندما بدأ بعض النزلاء في الجناح المخصص للنزلاء الذكور بإشعال النار في المراتب، وإلقاء أشياء على العاملين.
ورغم أن الوضع قد بدا أنه عاد إلى السيطرة، إلا أنه في الساعة الواحدة ظهرا حاولت مجموعة أخرى من المهاجرين في البداية اختراق حاجز، ثم بدأوا في إلقاء أشياء أخرى على قوات الأمن.
وبعد حوالي ساعة، فتح بعض النزلاء بابا أمنيا بالقوة، وتمكنوا من الوصول إلى منطقة كانت تتوقف فيها سيارات الشرطة، وحاولوا إشعال النار في إحداها. وفي موازاة ذلك، فتح أشخاص آخرون بعض الأبواب عنوة، ودخلوا غرفة تستخدمها شرطة كارابينيري، وسرقوا بعض الأغراض الشخصية، وألحقوا أضرارا بالغرفة.
وفتح المدعي أتيليو بيزاني، تحقيقا رسميا في التحريض على الانتحار، وهي خطوة ضرورية لتنفيذ سلسلة من خطوات التحقيق، بداية من تشريح جثة الشاب البالغ 22 عاما، والذي كان يقيم في مركز ما قبل الترحيل، قبل أيام قليلة من إقدامه على الانتحار.
ودعا أعضاء من المعارضة من يسار الوسط، إلى غلق مثل هذه المراكز في أعقاب الحادث، حيث أكد الحزب الديمقراطي، وحزب “بيو أوروبا (المزيد من أوروبا)”، واليسار الأخضر، أن “نظام الاحتجاز ينهار مع تزايد عدد حالات الانتحار”.
وعلقت فالنتينا كالديرون، ضامنة السجون في روما، قائلة “ليست هناك حاجة لانتظار التحقيقات حتى نتمكن من القول إن أماكن مثل بونتي غاليريا غير إنسانية تماما. ولم تكن هناك حاجة لانتظار وفاة صبي صغير للقول إن هذه الأماكن يجب إغلاقها”.
وتعاني السجون ومراكز الاحتجاز الإيطالية من الاكتظاظ، حيث يتم وضع أكثر من 60 ألف شخص في منشآت طاقتها الاستيعابية تبلغ حوالي 47.500 شخص.
يذكر أن الحكومة الإيطالية اليمينية المتطرفة توسعت في إنشاء مراكز احتجاز المهاجرين الذين وصلوا أو يقيمون بشكل غير نظامي في إيطاليا، بهدف رئيسي هو إعادتهم في أسرع وقت ممكن إلى بلدهم الأصلي أو إلى بلد ثالث. وبما أن الأمر يتعلق باعتقال إداري، فلا يستفيد المعتقلون حتى من حقوق وضمانات نظام العدالة الجنائية.
ووقعت رئيسة الحكومة المتطرفة جورجيا ميلوني ونظيرها الألباني إيدي راما في روما، اتفاقاً في نوفمبر /تشرين الثاني الماضي، نص على تشييد إيطاليا مبنيَين في ألبانيا غير العضو في الاتحاد الأوروبي، لاستيعاب المهاجرين الذين يُنقذون في البحر الأبيض المتوسط من أجل “تسريع معالجة طلبات اللجوء أو الإعادة المحتملة” إلى البلدان الأم.